الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتأكد من مشاعر شاب تجاهي وإمكانية تقدمه لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

متعلّقة بشابٍ مُعيَّن منذ قرابة السنتين، بسبب تلميحات قديمة قابلتُها بالصدود، رغم رغبتي بالأمر، لكن لقناعتي بأن مثل هذه الأمور لا تُحلّ بالتلميحات، بل ينبغي أن يتقدّم الشخص صراحةً، أو يكون واضحًا فقط، إذ لا فائدة من التلميحات فيها.

عموماً، لم يكن بيننا أي تواصل، بل كان الأمر يحدث على أرض الواقع خلال فترة قصيرة، ثم مضى كلٌّ منّا في سبيله. كنتُ أسمع عنه كل خير من محيطنا في العمل، وأتابعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من تعلّقي به، ثم أعود وأمنع نفسي، وهكذا، حتى قررت قبل ثلاثة أشهر أن أحظره على مواقع التواصل.

قرأت كثيرًا، هنا وفي مواضع أخرى، أن الشخصيات في الحقيقة تختلف تماماً عمّا نراه في وسائل التواصل، وأن التلميحات لا تُعدّ شيئًا، وأن من أرادك سيتقدّم لك، وأن لا جدوى من الأوهام، كما قرأت أنه ينبغي للمرء أن يشغل نفسه بما ينفع، وألا ينساق وراء التخيّلات.

هكذا أحاول التخلّص من التعلّق بين قراءة وفيديوهات توعوية، أشعر بعدها بالقناعة التامة بأنه كان أمرًا عابرًا، ولو أراد الله وكان خيرًا لكان، لكنّي أعود وأنتكس، أحاول، لكن لا يزال في بالي إلى الآن، وقد تعبت من العيش بنصف عقلٍ ودوّامةٍ من الاحتمالات: هل سيعود؟ هل هناك فرصة؟ وأنا أعلم أنها سذاجة ووهم بعد كل هذا الوقت.

في النهاية، توصلت إلى أن السؤال المباشر هو الحل لأقتنع وأمضي، هل يجوز أن أرسل له -دون أن أكشف عن هويتي– وأسأله إن كان مرتبطًا بأخرى أو لديه فتاة في باله، حتى أقطع الأمل نهائيًّا؟ وإن كان ذلك جائزًا، فكيف أطرح السؤال أصلًا؟ أخاف أن تكون الإجابة غير واضحة، فأدخل في متاهات جديدة.

والله، إني أستحيي، لكنني أريد المضي قدمًا، وقد بدأت أشعر أن الخلاص في المواجهة إن لم تكن محرّمة، فهل هذا التفكير سليم؟ وهل هذا التصرف صحيح؟ أم عليَّ أن أصبر حتى يأذن الله بالنسيان التام؟

أرجو النصح والتوجيه، والدعاء بصلاح الحال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ DMMT حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختنا العزيزة، نفهم تمامًا ما تمرين به من مشاعر مختلطة، وتردد بين الأمل والرغبة في المضي قدمًا، ومن الطبيعي أن يشعر الإنسان بمثل هذه المشاعر، خاصة عندما يتعلق الأمر بأمور القلب والتعلق العاطفي.

أولاً، بخصوص رغبتك في التواصل معه بشكل غير مباشر، في الإسلام، تُقدر الحشمة والوضوح في العلاقات، وخاصة فيما يتعلق بالزواج والارتباط، فإذا كان لديك رغبة صادقة في معرفة نواياه، فمن الأفضل أن يتم ذلك بطريقة واضحة ومحترمة، ويمكنك مثلاً الاستعانة بشخص موثوق به من الأهل، أو الأصدقاء؛ للتوسط والسؤال بشكل مباشر عن نواياه، مما يحفظ لك كرامتك ويضمن الاحترام المتبادل، فالتواصل المباشر أو غير المباشر بدون كشف هويتك قد لا يعطيك الإجابة الواضحة التي تبحثين عنها، وقد يزيد من حيرتك وترددك، كما أن هذا الأسلوب قد لا يكون مناسبًا، وقد يُفسر بطرق مختلفة.

ثانيًا، بخصوص مشاعرك والتعلق الذي تشعرين به، من المهم أن تعطي لنفسك الوقت والمساحة اللازمة للتعافي والمضي قدمًا، فالتعلق بشخص دون وجود أساس واضح للعلاقة قد يسبب لك الكثير من الألم والتشتت، حاولي توجيه طاقتك ووقتك نحو أمور إيجابية، تنمي شخصيتك وتقربك من الله، قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216).

هذا يذكرنا بأن ما نعتقده خيرًا لنا قد لا يكون كذلك، والعكس صحيح، والله وحده يعلم ما هو خير لنا في كل الأمور، وقد ورد مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) (رواه الترمذي).

هذه بعض النصائح العملية للمضي قدمًا:
1. اجعلي الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن جزءًا أساسيًا من يومك، واطلبي من الله أن يرزقك السكينة والرضا.
2. املئي وقتك بأنشطة تحبينها، مثل القراءة، الرياضة، التعلم، أو التطوع، مما يساعدك على تحويل تركيزك إلى أمور إيجابية.
3. اقضي وقتًا مع الأشخاص الذين يدعمونك ويمنحونك الحب والاهتمام.
4. ذكّري نفسك بقيمتك، وبأن الله قد كتب لك ما هو خير، وربما ينتظرك مستقبل أفضل مما تتخيلين.
5. إذا شعرتِ بأن المشاعر تسيطر عليك بشكل كبير، وتؤثر على حياتك اليومية، فقد يكون من المفيد التحدث مع مستشار نفسي لمساعدتك على تجاوز هذه المرحلة.

أخيرًا، تذكري قول الشاعر:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق.

كوني واثقة بأن ما يختاره الله لك هو الأفضل دائمًا، وثقي بأن المستقبل يحمل لك الكثير من الخيرات والفرص الجميلة، ودعاؤنا لك أن يشرح الله صدرك، ويهدي قلبك لما فيه خيرك وصلاحك، وأن يرزقك السكينة والرضا، ويكتب لك السعادة في الدارين.

وفقك الله وحفظك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً