الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=660793أن النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=18364أتي بلبن قد شيب بماء ، وعن يمينه أعرابي، وعن يساره nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال الأيمن فالأيمن وزاد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في رواية قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فهي سنة فهي سنة فهي سنة .
(الرابعة) فيه أن nindex.php?page=treesubj&link=18407من سبق إلى مجلس العالم أو الكبير وجلس في مكان عال لا ينحى عنه لمجيء من هو أعلى منه فيجلس ذلك الجائي حيث انتهى به المجلس ولو كان دون مجلس من هو دونه .
(الخامسة) فيه أن nindex.php?page=treesubj&link=18364السنة البداءة في الشرب ونحوه بمن هو على يمين الكبير وإن كان مفضولا بالنسبة لمن هو على يساره، وهذا متفق عليه لكنه استحباب عند الجمهور وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم الظاهري إلى وجوبه فقال nindex.php?page=treesubj&link=18364لا يجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذن الأيمن قال: ومن لم يرد أن يناول أحدا فله ذلك.
(السادسة) قوله الأيمن فالأيمن روي بالرفع والنصب فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره الأحق الأيمن أو نحو ذلك ويدل له قوله في الرواية الأخرى الأيمنون الأيمنون ووجه النصب وهو أشهر إضمار فعل تقديره أعط الأيمن ونحو ذلك .
(السابعة) بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله الأيمن فالأيمن أن هذا nindex.php?page=treesubj&link=18364سنة الشرب العامة في كل موطن وأن تقديم الذي على يمينه ليس لمعنى فيه بل لمعنى في تلك الجهة وهو فضلها على جهة اليسار وفي ذلك تطييب لخاطر من هو على اليسار بإعلامه أن ذلك ليس ترجيحا لمن هو على اليمين بل هو ترجيح لجهته والله أعلم .
(الثامنة) nindex.php?page=treesubj&link=18364الحديث في الشرب ولا يختص الحكم به بل الأكل ونحوه كذلك يبدأ فيه بالأيمن إذا لم يجتمعوا عليه في حالة واحدة وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك تخصيص ذلك بالشراب قال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر وغيره ولا يصح هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن بعضهم أنه قال لا أعلم أحدا قاله غيره وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض يشبه أن يكون قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إن السنة وردت في الشرب خاصة وإنما يقدم الأيمن فالأيمن في غيره بالقياس لا بسنة منصوصة فيه ؛ قال النووي ، وكيف كان فالعلماء متفقون على استحباب التيامن في الشراب وأشباهه.
(التاسعة) إن قلت nindex.php?page=treesubj&link=18076_18364هل قدم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأعرابي nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر أو nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ؟ (قلت) لم أقف في شيء من طرقه على التصريح [ ص: 25 ] بذلك والظاهر تقديم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ؛ لأنه كان جالسا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم فكان على يمين الأعرابي، وكان nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر على يمينه ففعل ذلك عملا بقوله الأيمن فالأيمن إلا أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=2عمر آثر nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر بنصيبه من التقديم رضي الله عنهما .
(العاشرة) (إن قلت): كيف الجمع بين هذا وبين ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بإسناد صحيح قال nindex.php?page=hadith&LINKID=2001870كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى قال ابدءوا بالكبراء أو قال بالأكابر (قلت) هذا محمول على ما إذا لم يكن على يمينه أحد بل كان القوم جالسين متفرقين إما بين يديه أو وراءه، وقد صرح بذلك nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فقال nindex.php?page=treesubj&link=18076وإن كان بحضرته جماعة فإن كانوا كلهم أمامه أو خلف ظهره أو على يساره فليناول الأكبر فالأكبر ولا بد: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث حويصة ، ومحيصة كبر الكبر قال فهذا عموم لا يجوز أن يخرج منه إلا ما استثناه نص صريح كالذي ذكرنا من مناولة الشراب قال والدي رحمه الله في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : والاستدلال بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم أولى من الاستدلال بعموم قصة حويصة ، ومحيصة لكونه واردا في السقي وذاك في أن الأكبر يتولى البداءة في الكلام انتهى.
وقال النووي : وأما nindex.php?page=treesubj&link=18076تقديم الأفاضل والكبار فهو عند التساوي في باقي الأوصاف ولهذا nindex.php?page=treesubj&link=1727يقدم الأعلم والأقرأ على الأسن النسيب في الإمامة في الصلاة .
(الحادية عشرة) (إن قلت nindex.php?page=treesubj&link=18076كيف تقدم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالكلام وقال للنبي صلى الله عليه وسلم أعط nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ؟ ) (قلت) لم يفعل ذلك على سبيل الإلزام والجزم وإنما قاله تذكيرا للنبي صلى الله عليه وسلم لجواز اشتغاله عنه، وعدم رؤيته له ولهذا جاء في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم يريه إياه أو قصد بذلك إعلام الأعرابي الذي على اليمين بجلالة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله عنه.
(الثانية عشرة) (إن قلت): قد تقرر أن nindex.php?page=treesubj&link=18417الأيمن أحق وله أن يؤثر بأحقيته فلم لم يستأذنه النبي صلى الله عليه وسلم كما فعل في قضية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس حيث كان على يمينه، وكان على يساره أشياخ منهم nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد فاستأذن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فامتنع من الإيثار فهلا استأذن الأعرابي كما استأذن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؟ (قلت) الجواب عنه من أوجه:
(أحدها) قال النووي قيل إنما استأذن الغلام دون الأعرابي إدلالا على الغلام، وهو nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان لا سيما [ ص: 26 ] والأشياخ أقاربه قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وفي بعض الروايات " عمك وابن عمك أتأذن لي أن أعطيه " .
(ثانيها) أن يكون فعل ذلك تطييبا لخاطر الأشياخ فإن منهم nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، وكان حديث العهد بالإسلام مع رياسته في قومه وشرف نسبه فأراد تأليفه بذلك بخلاف nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق فإنه مطمئن الخاطر راض بكل ما يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يتغير لشيء من ذلك، وقد أشار إلى بعض هذا النووي فقال بعد ما تقدم وفعل ذلك أيضا تألفا لقلوب الأشياخ وإعلاما بودهم وإيثار كرامتهم إذا لم يمنع منها سنة.
(ثالثها) أن الأعرابي قد يكون في خلقه جفاء ونفرة كما يغلب ذلك على الأعراب فخشي النبي صلى الله عليه وسلم من استئذانه أن يتوهم إرادة صرفه إلى أصحابه وربما سبق إلى قلبه شيء هلك به لقرب عهده بالجاهلية، وعدم تمكنه في معرفة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تظاهرت النصوص على تألفه عليه الصلاة والسلام قلب من يخاف عليه ولعله كان من كبراء قومه ولهذا جلس على يمين النبي صلى الله عليه وسلم .