الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات طبية للتخلص من أعراض الهلع والإحساس باقتراب الموت

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل أربع سنوات، وبعد زواجي بفترة بسيطة، بدأت أشعر بآلام في جسمي في أماكن مختلفة؛ أحيانًا في الصدر، وأحيانًا في القولون، أو في البطن، وأحيانًا في الأنف.

زرت العديد من الأطباء، وكل طبيب كان يصف لي نوعًا مختلفًا من الأدوية، وللأسف استخدمت معظمها دون أن أعرف طبيعة مرضي.

ومن خلال قراءتي وتصفّحي عبر الإنترنت، اطلعت على معلومات عن الرهاب والخوف الوجداني، وبدأت أُجري مقارنة بين ما قرأته وبين حالتي، فوجدت أن جميع الأعراض تنطبق على ما كنت أعانيه.

كنت في تلك الفترة أشعر أن الجميع يعيش حياة سعيدة إلا أنا، وأنني الشخص الوحيد الذي يعاني من المرض، حتى عندما أزور الطبيب، أشعر بأنه لا يهتم بحالتي وكأنها بسيطة، بينما أنا في داخلي أشعر بأنها كبيرة ومقلقة.

أيضًا كنت كلما بدأت النوبة أشعر بقرب الموت، أو أعتقد أن الألم ناتج عن مرض خطير، وخلال الفترة الأخيرة، وبعد قراءتي لهذه المعلومات، بدأت أحاول التغلب على هذه الأفكار (مع أن الأمر صعب)، خاصة أن المدة امتدت لأربع سنوات.

وأكيد أنك قد تسألني يا دكتور: كيف حال زواجي؟ وهل هو مستقر؟
والإجابة: لا، فالعلاقة بيني وبين زوجتي يشوبها الكثير من الخلافات، التي تكبر أحيانًا وتصغر أحيانًا أخرى، لكنها مستمرة.

في الفترة الأخيرة، صرت أحاول التغلب على أفكار الخوف، فعندما تبدأ النوبة، أُشغل تفكيري بأي شيء آخر، كما بدأت أُركّز على تمارين الاسترخاء، وقد تعلّمت بعضها من كتب اقتنيتها، تشرح كيفية الاسترخاء والتواصل مع العقل الباطن، ومع ذلك، ما زلت أشعر أن هذه النوبات أقوى من قدرتي على السيطرة عليها.

قرأت في بعض الاستشارات الطبية عن أدوية يُنصح بها، مثل: السبرالكس والفلونكسول، لكنني متردّد في استخدامها دون استشارة طبيب، فكما يقال: لا دواء دون استشارة.

أتمنّى منكم إرشادي إلى الدواء المناسب لحالتي، مع تحديد الجرعة والوقت إن أمكن.

شكرًا لكم، وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فقد أحسنت في وصف حالتك، وهذا الوصف الجيد والرصين يساعدنا في أن نصل إلى التشخيص، وأقول لك: إنك لا تعاني حقيقة من الرهاب بمعناه المعروف، ولكنك تعاني من حالة قلقية تسمى بنوبات الهرع أو نوبات الهلع، والبعض يسميها بالاضطراب الفزعي، هذه النوبة ربما تكون حدثت لك من فترات متباعدة نسبيًا، وما بين النوبات تكون أنت عايش في حالة من القلق ومن التوتر النفسي.

إذاً حالتك هي قلق نفسي، وهذا القلق تخللته نوبات الهلع أو الهرع كما ذكرت لك، ووصفك بمجرد أن تبدأ النوبة تحس بقرب الموت، هذا وصف جميل ورصين جدًا، كما ذكرت لك، وهو الذي نشاهده دائمًا مع نوبات الهلع أو الهرع.

وأقول لك: إن الحالة بسيطة جدًا، وأعرف أنها تسبب لك مضايقة وإزعاج، وأقول لك: -الحمد لله- الإجراءات التي اتخذتها من ممارسة تمارين الاسترخاء، ومن تجاهل هذه الأعراض، ومن تفكير إيجابي، كلها إجراءات صحيحة وطيبة، وعليك -أخي الكريم- أن تستمر في هذا، وأعتقد أن شرحي البسيط لك بطبيعة الحالة سوف يساعدك أيضًا.

وكما تفضلت وذكرت: فإن إحدى المشاكل في مثل هذه الحالات أن الإنسان يتردد على كثير من الأطباء، وبين التخصصات المختلفة، وفي نهاية الأمر قد يجد من ينصحه أن الحالة نفسية، مع أنه كان من المفترض أن يكون الطبيب النفسي هو أول من يتم التواصل معه، وحتى في الحالات النفسية هذه الحالة تندرج من الحالات البسيطة.

ولا شك أن القلق أيّاً كان نوعه، إذا كان قلقًا فزعيًا أو مخاوف أو حتى وساوس، يؤدي إلى عسر وشعور بالكرب البسيط لا يصل لمرحلة الاكتئاب العميق، ولكن يكون هنالك عدم ارتياح نفسي عام، وأعتقد أنك قد تعرضت لذلك.

بالنسبة للزواج، فأنت تعرف ولا شك أنك على اطلاع تام أن هذه مؤسسة، والزواج ميثاق غليظ خاصة من جانبك، والإنسان دائمًا يسعى لأن يعيش في وئام وتفاهم وتوافق مع زوجته، ويتفهم طبيعتها، ويسعى لأن تكون المودة والسكينة والرحمة هي التي تسيطر على هذه المؤسسة.

لا شك أن الاختلاف هنا وهناك والهنات والسلبيات تأتي، ولكن عليك أن تسعى لحفظ زواجك، وأن تسعد نفسك وأسرتك، هذا أمر هام، ولا تضع صورة سلبية عن زوجتك، لا تضع صورة سلبية عن الزواج كمؤسسة ضرورية، حاول أن تبحث عما هو إيجابي، من سمات تتصف بها زوجتك، وحاول أن تساعدها لبناء ما هو إيجابي من سلوك، وأنصحك بالطبع هو أن تحاورها، وأن تناقشها حين يكون مزاجك طيبًا، وكذلك هي، وممارسة الرياضة ضرورية ومهمة في حالتك، وتساعد كثيرًا، فكن حريصًا على ذلك.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي: فأنا أقول لك -بفضل من الله تعالى-، العلاج الدوائي متوفر وهو مطلوب في حالتك، وبفضل الله الأدوية الموجودة الآن هي أدوية سليمة وأدوية فعالة، والذي أنصحك به هو أن لا تتردد في تناولها، خاصة أننا سنصف لك دواء غير إدماني، وغير تعودي، -وإن شاء الله- فعاليته والنتائج الرائعة التي جناها الكثير من الناس بعد تناول هذه الأدوية مشهودة ومؤكدة -بإذن الله-.

الدواء الذي يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، هو الأفضل لحالتك، هو الدواء الأفضل والذي نرشحه، وهو يتميز ببساطة استعماله وقلة جرعته وسلامته وفعاليته كما ذكرت لك، كما أنه غير إدماني.

السبرالكس له بعض الآثار الجانبية البسيطة، وهي مقارنة مع بعض الأدوية الأخرى لا تعني أي شيء، فربما يسبب لك حموضة بسيطة في المعدة، لذا يفضل تناوله بعد الأكل، وهذه الحموضة البسيطة تحصل في الأيام الأولى فقط إذا حدثت، ولكن مع الأيام إذا تم تناوله مع الأكل هذا لن يحدث -إن شاء الله-.

السبرالكس ربما يؤدي أيضًا إلى زيادة في الشهية في الطعام نسبيًا، مما يترتب عليه زيادة في الوزن، ومن هنا أقول لك يفضل أن تتحكم في كمية الطعام ونوعيته، وما يحمله من سعرات حرارية إذا شاهدت، أو لاحظت أنه بدأ يزيد من وزنك، ولا شك أن الرياضة سوف تكون مساعدة جدًا.

السبرالكس ربما يؤدي إلى تأخير بسيط في الإنزال المنوي، أو القذف لدى بعض الرجال، وهذا يحدث وقد لا يحدث، ولكن الدواء قطعًا لا يؤثر على القدرة على الإنجاب، وعلى ذكورية الرجل.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بجرعة عشرة مليجرام يوميًا، تناولها ليلًا بعد الأكل كما ذكرت لك، استمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا ليلًا، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلًا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام ليلًا لمدة شهر، ثم إلى خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي: أنصحك باتباع هذه الخارطة العلاجية، حيث إننا قد أوضحنا جرعة البداية، وجرعة العلاج، أو ما يعرف بجرعة الاستمرارية، ثم بعد ذلك الجرعة الوقائية التي تنتهي -إن شاء الله- بالتوقف التدريجي عن الدواء، نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونحن شاكرين لك تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً